كتب من نوع خاص تعزو مجتمعاتنا
معظمنا لاحظ بشكل جلي إمتلاء المكتبات بكتب من نوع خاص ، كتب يحن لها القارئ أكثر من غيرها ، و تلقى نجاحا من حيث المبيعات ، و هذه الكتب هي كتب علم النفس التي صارت أنيس الجميع ، و هوس فئة كبيرة من الناس ، فلما ياترى بعض المجتمعات ( دون تسمية ) غزته كتب علم النفس و صار الجميع يقتنيه و يقرأ سطورها ؟
فأول ما طرحت هذا السؤال كان على صديق لي بالجامعة ، و كان هدفي أن أناقش معه الموضوع و في الآن نفسه أن أختبر ذكاءه و قد نجح في الإجابة ، بل و أبدى الأجابة التي تدوري في داخلي .
إن من يبحث عن كتب النفس ليقرأها دليل على إحساسه بخلل في شخصيته ، و المجتمع الذي تكتر في مكتباته هذا النوع من الكتب و تحقق نجاحا في المبيعات ؛ فأفراده يحسون بخلل في الشخصية ، و من تم ؛ فالمجتمع الذي تمتلئ مكتباته بالكتب النفسية ، و الإقبال الكثيف على شرائها يدل على اتساع رقعة المرضى النفسيين به ، أو على الأقل فهناك شريحة واسعة داخل المجتمع تشعر بخلل و نقص في الشخصية و تسعى إلى ملء ثغرة هذا النقص ، و مدى استهلاك العديد من الناس لهذه الكتب يظهر ذلك ، إلا أن حجم من الباحثين عن حلول لمشاكلهم النفسية لا يُقاس بحجم المقبلين على كتب علم النفس ؛ فتمة أُناس يعانون من الأمية ؛ و بالتالي يتعذر عليهم الإطلاع على هذه الكتب لانعدام قدرتهم على القراءة ، و لدى لو إقتصرنا على المقبلين على تلك الكتب فإن الأرقام كبيرة جدا فما بالك لو شملنا الفئة التي تعذر عليها الإطلاع على كتب علم النفس رغم معاناتها من ذات المشكل النفسي .
و يبقى السؤال : هل ترقى هذه الكتب إلى مستوى معالجة و إيجاد حلول لمن يقرأها بدافع معالجة مرضه النفسي و ملء ثغرة النقص في شخصيته ؟؟!!
إن كل كتب علم النفس دون استثناء لا تملك العصى السحرية لتغيير شخصية الإنسان إلى الأحسن في رمشة عين ، كما أن معظم المواضيع الذي يتناولها هذ الكاتب نجدها لدى الكاتب الآخر مع تغيير طفيف في الصيغة و الشرح و التمثيل ... و لو قرأنا هاته الكتب و اطلعنا على فحواها ؛ نجد أنفسنا أمام كتب تخبرنا بما لانجهل ، فتلك أمور كلنا نعرفها و بالتالي لا تقدم لنا جديد ، و المواضيع المتضمنة تعد بمثابة تذكيرنا بأمور نعلمها سابقا إلا أننا غفلنا عنها شيئا ما لا غير ، و الدور الذي تلعبه هذه الكتب هو تحفيز النفس البشرية ، و بالتالي فمن يظن أن شخصيته ستتغير باتجاه الأحسن في رمشة عين بمجرد قراءته لبعض كتب علم النفس فهو واهم ، بل ولو قرأ كل الكتب التي تناولت علم النفس .
و من هنا يمكننا القول أن هذه الكتب تعتبر محفزات فقط لشخصية لمرء ، فهي لا تقدم حلول جاهزة لم نكن نعرفها سلفا ، و بالتلي يجب اعتبار هذه الكتب بمثابة منهجية و خطة نسعى لتطبيقها بأحسن مما جاءت به ، و لا يجب اعتبار فحواها الحلول التي لا توجد بعدها حلول .
معتز العربي