الثلاثاء، 5 أغسطس 2014

كتب من نوع خاص تعزو مجتمعاتنا


كتب من نوع خاص تعزو مجتمعاتنا


معظمنا لاحظ بشكل جلي إمتلاء المكتبات بكتب من نوع خاص ، كتب يحن لها القارئ أكثر من غيرها ، و تلقى نجاحا من حيث المبيعات ، و هذه الكتب هي كتب علم النفس التي صارت أنيس الجميع ، و هوس فئة كبيرة من الناس ، فلما ياترى بعض المجتمعات ( دون تسمية ) غزته كتب علم النفس و صار الجميع يقتنيه و يقرأ سطورها ؟
فأول ما طرحت هذا السؤال كان على صديق لي بالجامعة ، و كان هدفي أن أناقش معه الموضوع و في الآن نفسه أن أختبر ذكاءه و قد نجح في الإجابة ، بل و أبدى الأجابة التي تدوري في داخلي .
إن من يبحث عن كتب النفس ليقرأها دليل على إحساسه بخلل في شخصيته ، و المجتمع الذي تكتر في مكتباته هذا النوع من الكتب و تحقق نجاحا في المبيعات ؛ فأفراده يحسون بخلل في الشخصية ، و من تم ؛ فالمجتمع الذي تمتلئ مكتباته بالكتب النفسية ، و الإقبال الكثيف على شرائها يدل على اتساع رقعة المرضى النفسيين به ، أو على الأقل فهناك شريحة واسعة داخل المجتمع تشعر بخلل و نقص في الشخصية و تسعى إلى ملء ثغرة هذا النقص ، و مدى استهلاك العديد من الناس لهذه الكتب يظهر ذلك ، إلا أن حجم من الباحثين عن حلول لمشاكلهم النفسية لا يُقاس بحجم المقبلين على كتب علم النفس ؛ فتمة أُناس يعانون من الأمية ؛ و بالتالي يتعذر عليهم الإطلاع على هذه الكتب لانعدام قدرتهم على القراءة ، و لدى لو إقتصرنا على المقبلين على تلك الكتب فإن الأرقام كبيرة جدا فما بالك لو شملنا الفئة التي تعذر عليها الإطلاع على كتب علم النفس رغم معاناتها من ذات المشكل النفسي .
و يبقى السؤال : هل ترقى هذه الكتب إلى مستوى معالجة و إيجاد حلول لمن يقرأها بدافع معالجة مرضه النفسي و ملء ثغرة النقص في شخصيته ؟؟!!
إن كل كتب علم النفس دون استثناء لا تملك العصى السحرية لتغيير شخصية الإنسان إلى الأحسن في رمشة عين ، كما أن معظم المواضيع الذي يتناولها هذ الكاتب نجدها لدى الكاتب الآخر مع تغيير طفيف في الصيغة و الشرح و التمثيل ... و لو قرأنا هاته الكتب و اطلعنا على فحواها ؛ نجد أنفسنا أمام كتب تخبرنا بما لانجهل ، فتلك أمور كلنا نعرفها و بالتالي لا تقدم لنا جديد ، و المواضيع المتضمنة تعد بمثابة تذكيرنا بأمور نعلمها سابقا إلا أننا غفلنا عنها شيئا ما لا غير ، و الدور الذي تلعبه هذه الكتب هو تحفيز النفس البشرية ، و بالتالي فمن يظن أن شخصيته ستتغير باتجاه الأحسن في رمشة عين بمجرد قراءته لبعض كتب علم النفس فهو واهم ، بل ولو قرأ كل الكتب التي تناولت علم النفس .
و من هنا يمكننا القول أن هذه الكتب تعتبر محفزات فقط لشخصية لمرء ، فهي لا تقدم حلول جاهزة لم نكن نعرفها سلفا ، و بالتلي يجب اعتبار هذه الكتب بمثابة منهجية و خطة نسعى لتطبيقها بأحسن مما جاءت به ، و لا يجب اعتبار فحواها الحلول التي لا توجد بعدها حلول .

                                                                   
معتز العربي

التحرش الجنسي : أسبابه و حلوله


التحرش الجنسي :
أسبابه و حلوله

هناك تباين في تعريف التحرش الجنسي ، و بدوري أرى أن الإنسان له عقل يهذب غيزته و يشبعها بطرق مشروعة لا تتعارض مع الدين و قيم المجتمع ، و إن لم يستحضر المرء عقله إنه يتساوى بين الحيوان الذي تحكمه الغريزة ، و بالتالي فتعريف التحرش الجنسي هو أن يحسد الإنسان الحيوان عن قاع الإنحطاط .

إن الغريزة فطرة في الإنسان ، لكن الله سبحانه ألجمها بالعقل ، خاصة الغريزة الجنسية ، فالإنسان بعقله يكبح غرائزه حتى يهذبها العقل و لا تخرج بذلك عن الدين و القيم الأخلاقية مما يتسبب في إداية الآخرين ، بينما الحيوان في بيئته لا عقل له فغريزته لا تجد من يهدبها؛  لدى فهو لا يبالي إن أسر أو جهر بها أمام الآخرين ، كما لا يبالي بعواقبها عليه و على الآخرين ، أما الإنسان لكون يتميز عن الحيوان بملكة العقل فهو مسؤول عن أفعاله ، لدى إن لم يخدع للدين و لقيم المجتمع الأخلاقية فما الفرق بينه و بين الحيوان ، إن الغريزة الجنسية فطرة في الكائن البشري لا تبقى مكبوتة دون إشباع لكن إشباعها يكون بالزواج ، و من سلك طريقا غيره فبفعله يزاحم الحيوان و يحسده عن قاع الإنحطاط .
و الكلام يسري عن الإنسان بجنسيه الذكر و الأنثى ، فالنسوة يبدين زينتهم في زمن الفتن ، إذ يكشفن عوراتهن للرجل الذي بدوره تتجيش غريزته اتجاهها و لما تقع الواقعة يتهم الطرفان بعضهما البعض ، رغم أن الفاعل غالبا سلوكات الأنثى ، التي لو تمثلت لقيم الإسلام و ألقت بخمارها على جسدها كما أمر تعالى نساء النبي صلى الله عليه و سلم لكان حصنا عن نضرة الرجل ، فالنظرة هي مقدمة الزنة و التحرش الجنسي عموما ، لدى فلتتحجب المرأة كي لا تترك من زينتها للرجل ما يوقض غريزته و شهوته ، و لا تقل لي أن المرأة حرة في لباسها ؛ فالإسلام لم يخيرها بين أن تتحجب أو لا بل فرض عليها الحجاب و لها بدورها أن تخير نفسها بين الجنة و النار ، إذا أراد المجتمع أن يخرج من مشكل التحرش الجنسي فعلى نسوته بالحجاب ، و إلا فلا داعي لأن يتحدثون مستنكرين في الإعلام و الجرائد و حديث المارة عن حالات اغتصاب .

                                                               
معتز العربي

الإنسان كائن براغماتي بالفطرة : " البراغماتية الخفية "

الإنسان كائن براغماتي بالفطرة :
" البراغماتية الخفية "

منذ أن خلق الحق سبحانه الوجود و الكائنات الحية تسعى لما يضمن بقاءها و و يحول دون هلاكها ، و بالخصوص الكائن البشري ؛ هذا الكائن الذي سوف نتطرق إليه في موضوعنا هذا كونه يتميز عن باقي الكائنات الحية بميزة منحها إياه الله تعالى ، و كانت عاملا أهلته كي يكون براغماتيا أكثر من باقي الكائنات الأخرى .
 أولا ما أقصده بالبراغماتية في موضوعي هذا ؛ ليس هو الأخذ دون العطاء ؛ بمعنى أن يستغل أحد الآخر و ينشئ  معه علاقة على أساس المنفعة التي لولاها لتم وضع حد لهذه العلاقة ، فهذه أيضا جزءا من موضوعي لكنها ليست ما أعنيه بكلامي هذا .
فلو تأملنا سلوكيات الإنسان و معاملاته و تحركاته و تواصله مع الآخر أو بالأحرى لو تأملنا كل نشاطاته ليومية ، فسنلاحظ أن الإنسان لا يتحرك قيد أنملة دون منفعة شخصية ، حتى أحيانا دون أن يشعر بذلك ، فالبراغماتية لدى الإنسان درجات منها الدرجة الدنيا ؛ و التي لا يشعر بها المرء فهو في حينها يكون براغماتيا دون شعوره بذلك ، و الدرجة الثانية ؛ و هي الدرجة المتوسطة و المعتدلة ، إذ أن المرء يسعى لتحقيق أمور بإرادته لكن يعطي كي يأخذ و هنا لا ينتضر أن يُتفضل عليه ، و لو تفضل عليه دون طلبه ، أما الدرجة الثالثة و الأخيرة فهم الفئة التي تأخذ و لا تعطي ، و كما أسلفنا فإنها تُنشئ علاقات نفعية ليس إلا ؛ فهي تحاول استغلال سذاجة البعض و أحيانا ثقة البعض حتى تُكوِّن منه جسرا للعبور إلى منافعها الشخصية ،  و هنا نكون قد حددنا الدرجات الثلاث التي قد يكون عليها الكائن البشري . بينما الكائنات الأخرى لا تتميز سوى بدرجتين من البراغماتية و هي الأولى و الثانية ، أما الثالثة فالأنسان ينفرد بها عن غيره ، فهاته الكائنات تحكمها الغريزة و لا شيء يعلوا فوق الغريزة فهي التي تحكم تصرفاتها ، و لكن هناك من يدنوا هاذه الغريزة و هي أمور خفية قد لا نلاحظ أنها براغماتية ، أو كما صنفناها سلفا في الدرجة الأولى من البراغماتية و هي ممارسة البراغماتية عن طريق اللاشعور .
 لكن الكائن البشري إضافة إلى الدرجة الأولى التي يمارس فيها البراغماتية بطريقة لاشعورية ، و الدرجة الثانية التي يعي المرء أنه يمارس فعلا براغماتيا لكنه يكون عن طريق الأخد و العطاء ، إضافة إلى أن هذه الدرجة تشمل تلبية الإنسان لغريزته التي يشترك مع الكائنات الأخرى فيها ، لكن الدرجة الثالثة ينفرد بها الجنس البشري لأنه يمتاز بنعمة مقدسة و عظيمة و هي ملكة العقل ، نعم ؛ العقل هو من يؤهل المرء للدرجة الثالثة التي فيها المكر و الخداع و النفاق و كل الاخلاق الذميمة التي يجيد العقل نسجها و تقديمها على طبق ذهبي للآخر كي يُوقع به ، نعم كي يأخذ منه دون أن يعطي ، إنها الدرجة الثالثة من البراغماتية في الإنسان ، الدرجة الدميمة ، الدرجة التي تجرح المشاعر و تحتال على قلوب طيبة ؛ أو على الأقل كانت في لحظتها طيبة تخلوا أو تكاد من الظلم و الخيانة و رذائل الأخلاق ، و نفوس في نشأتها اعتادت الكرم فما أخذ اللئام يفقرهم و ما يُفقدهم قيمة الكرم ، فالدرجة الثالثة يمتاز بها الكان البشري عن باقي الكائنات الحية لكن حتى الكائن البشري ليس جميعه يمتاز بهذه الخصلة القبيحة ، كما لسنا كلنا معصومين من الوقوع فيها في إحدى المرات ، لكن الفرق هو أن البعض أصبحت من مميزات شخصيته هذه الدرجة الثالثة من البراغماتية ، عكس البعض الآخر الذي من الممكن أن ظروفا ما حتمت عليه سلوك ذلك المنحى .
أعتقد أن الجميع يفهم ما معنى البراغماتية في درجتها الثالثة و ما أقصده بها ، و حتى الدرجة الثانية التي فيها يقضي الإنسان حوائج تذر النفع عليه لكنه يعطي كمقابل لنيلها ، كالتلميذ المجتهد الذي يواضب طيلة السنة على الإهتمام بالدراسة و القيام بالواجبات و حسن السلوك و ... فهنا يعطي ليأخذ و أخذه براغماتي نفعي و هو النجاح فالنجاح منفعة يسعى إليها ؛ لكنه قابلها بالعطاء كي ينالها ، و العامل المجد الذي يعمل جاهدا كي ينال أجرة عمله ، و الفلاح المجد الذي يجتهد في الإعتناء بأمور فلاحة أرضه كي يسعد بجني تمارها ، و هذا على سبيل المثال لا الحصر .
 و هناك أمثلة رغم أنها لا تستوفي شرط تصنيفها ضمن الدرجة الثانية من البراغماتية ألا و هي العطاء مقابل الأخذ لكنها تصنف في هذه الدرجة ؛ و السبب أن المرء لم يحتال كي يصل إليها و لم ينافق و بالتالي فالآخر جاء عطاءه تلقائيا دون طلب الإنسان ؛ بمعنى تفضل عليه و أهداه أمرا ما ، مثل رجل كان يحتفظ لنفسه بكعكة و هو يركب القطار فلما التفت للذي بجانبه أراد أن يشاطره تلك الحلوى تلقائيا دون أن يطلب جاره في القطار منه ذلك ، و هذا مثال لعطاء دون أخذ ، و أخذ دون عطاء ، فكلاهما يستحق التصنيف في الدرجة الثانية ، فراكب القطار نال شيئا لم يطلبه إذ أن من يركب بجانبه تفضل عليه من تلقاء نفسه .
 أما الدرجة الأولى فهي التي لفتت إنتباهي في نشاطات الكائن البشري خصوصا ، و هي ما دفعني لكتابة موضوعي هذا ، فنحن نمارس في حياتنا كلها منذ نشأتنا و حتى يوم نلقى فيه المولى تعالى نشاطات براغماتية ، قد لا نلمسها لأنها حالات لا شعورية ، و أكثر من ذلك فبقاء حياتنا مرهونة بوجود معظمها ، إننا لا نفرز أشياء عن فراغ ، بل لأننا نتصور ما نجنيه منها من منافع ، هاته المنافع التي قد تأتي عكس التوقعات ، و كل ما توصلنا له يكون منطلقا لسلسلة من المنافع نود تحقيقها و نرتجي و الوصول لها ، و هكذا ستمر الحياة ، فنحن نسعى لما يحقق لنا السعادة و الراحة النفسية ؛ و لذلك فمساعينا إليها يكون عبر مجموعة من الطفرات ، و الإنفعالات ، و السلوكات التي تكون بمثابة الدرج الموصل لمسعانا ؛ رغم أننا أحيانا لا نصل لكن طموحاتنا في الحياة كثيرة جدا جدا ، فالفشل لا يعني عدم تكرار المحاولة مما يستدعي المرور مرة أخرى بمراحل تتسلسل كالدرج الموصل للمنتهى و المقصد ، كما أن الفشل في تحقيق رغبة ما لا يعني أنها الرغبة الوحيدة التي لا بعدها و لا قبلها رغبة ، بل إن طموحات المرء في الحياة كثيرة غاية الكثرة ، و المراحل التي نمر من خلالها كي نحقق هاته الغايات هي البراغماتية الخفية ، و الغاية التي نود الوصول لها هي البراغماتية الظاهرة ، و حتى تتضح الصورة و يزول الغموض عن المعنى ، فالمثال خير ما نقدمه بهذا الصدد :
 فلنضرب لذلك مثالا لعامل إنطلق من منزله صوب مقر العمل ، فلنحدد هنا الراغماتية الظاهرة و الخفية ، فالظاهرة هي الغاية التي يرمي إليها ؛ و تتجلى في رغبته في الوصول للعمل حتى يستفيد من الأجرة ، أما الخفية فتلك الخطوات التي أوصلته إلى مقر العمل فلو كانت مائة خطوة كافية لإيصاله و اكتفى بتسعين خطوة فلن يصل ؛ و بالتالي لن يحقق مبتغاه الذي خرج من أجله من البيت و هو الوصول لمقر العمل ، و بالتالي فكل خطوة هنا فهي حركة براغماتية لولاها لما تحققت منفعة ، و هنا نلمس بعض أوجه البراغماتية الخفية و التي يمارسها الكائن البشري في حياته كلها ، و في نفس المثال كذلك لو أن العامل خرج متأخرا ، ففي المعتاذ تلزمه دقيقتان كي يصل لعمله ، لكن بتأخره أسرع خطواته و استغرق نصف المدة ؛ و لولا ذلك لتأخر عن العمل و بالتلي سيُطرد ، و مكمن البراغماتية هنا هو السرعة التي منعت تأخره و كانت عاملا مساعدا له ، و كمثال آخر المؤمن المحافظ على عباداته ، و البراغماتية الخفية هنا تتمتل في الطمع في نيل رضى الله سبحانه و الجنة ...
كما نأخذ مثالا للكائنات الحية الأخرى ، لنقف عند أوجه البراغماتية لديها ، و هي على درجتيها ؛ لأننا أسلفنا أنها لا تملك العقل الذي يخول لها السمو للدرجة الثالثة ، سنعطي عن سلوكات بعض الحيوانات مثلا ، و لنمثل البراغماتية لدى قطيع من الأغنام ، فالدرجة الثانية من البراغماتية لديهم و هي التي تحكمها الغريزة ، نلمسها جليا في ما يبرز من سلوكات ، مثلا غريزة الجوع تجعل القطيع يسير نحو هدف نفعي براغماتي و هي الحشائش التي تزيل جوعهم ، و التزاوج فالهدف البراغماتي من ورائه هو تفريغ الرغبة الجنسية و تحقيق اللذة ، أما الدرجة لأولى و التي لا يتم الشعور بممارسة البراغماتية من خلالها و تكون خفية ، فنبقى في نفس المثالين الأخيرين ، فغريزة الجوع تتحقق تلبيتها بالأكل ، و ما بين الشعور بالجوع و تحقيق الرغبة و هي الأكل ؛ هناك سلوكات و انفعالات و حوادث و كلها تذخل في خانة البراغماتية الخفية ، خطوات القطيع نحو المأكل ، و تفاعله مع الوضع ، و كل رفع و خفض ، و حركة هنا أو هناك بها تتم تلبيية الرغبة فتلك براغماتية خفية ، و قس على ذلك التزاوج و كل ما هو مرغوب فيه .
و هكذا تتضح جليا أن حياة الإنسان خصوصا ، و الكائنات الحية عموما ؛ فهي حافلة بالبراغماتية بل أنها تسير وفقا لها طبعا على درجاتها الثلاث ، فالدرجة الثالثة تأخذ منا الحيز الأكبر فيما تليها الثانية ثم الثالثة بالنسبة للإنسان ، و هكذا نستتج أن الإنسان كائن براغماتي بالفطرة .

                                                          
معتز العربي

جامعة إبن زهر : عالم و عوالم


جامعة إبن زهر : عالم و عوالم


في بلادنا نجد المؤسسات التعليمية الحكومية ؛ إبتداءا من الإبتدائية مرورا بالإعدادية فالثانية ثم الجامعية ، و العلم واسع و كثير لكن الحكومة لا تسمح بتدريس سوى القليل و الطلبة لا يستوعبون من القليل سوى قليل القليل ، و بتدرجنا في المستويات الدراسية نصل لمستوى الباكالوريا ؛ فنصبح على مشارف التعليم العالي ، لكننا لسنا كباقي الدول المتقدمة فنحن بلا توجيه نسير ، كل يوجه نفسه ، فالموجه تراه في الثانوي مرة في السنة ، و إن لم يحالفك الحظ فقد لا تصادفه أبدا ، و لما ينال المجدون شواهد الباكالوريا نبدأ مرحلة أخرى كنا نحسبها الأيسر و الأهون و التي بحيازة أي شهادة فيها سنلج مناصب الشغب مباشرة ، لكننا وجدنا أنفسنا في أحلام اليقظة ، و الحديث أيها الأحبة عن مشاكل التعليم ؛ خاصة التعليم العالي يحتاج وقتا و موضوعا آخر نفصل فيه بإذن الله حتيات الموضوع ، إلا أن مضمون موضوعي هذا هو الحديث عن أحد مؤسسات التعليم العالي الحكومية ، و التي يتوجه لها معظم الحاصلين على شهادة الباكالوريا ، ألا و هي الجامعة ، و حديثي هو وصف مقتضب للجامعة التي أدرس فيها ، و هي جامعة إبن زهر ، لاطالما أطرب آذاننا هذا الإسم و نحن في الثانوي ، نعظمه و لا ندري الكامن فيه فتهوي أنفسنا شوقا للدراسة فيه ، الجامعة كنا نرى أنها فضاء للدراسة و التخصص في ميدان الشغل ، ترى هل هي كذلك ؟!
في البدأ كنا ندرس مع أبناء الحي الذين نتشارك و إياه نفس اللغة و الثقافة و العادات و ... ، لكن الجامعة فضاء الجميع ، إنها مكان تجمهر الثقافات في الوطن بأسره ، هي ملتقى أهل المشرق و الصحراء و الأمازيغ و آخرون ، هي المكان الذي ندرس فيه لدى الأستاد و لا يهمنا إن تذكًّرنا كما لا تشغلنا معرفته ، هي المكان الذي لا الغياب فيها يخصم النقاط و لا الحضور يضيفها ، هي المكان الذي باتساعه و تعدد الممرات بذاخله تكاد تجزم أنك في منتزه عمومي ؛ خاصة إذا ما مررت على المقهى و هي داخل الجامعة ، و قد تجزم أنك دخلت المكان الخطأ إذا ما رأيت في الأركان كل ذكر يجلس مع أنثى يبادلها حديث العشاق و قد يبادلها القبلات !! ، و ماإن تجزم أنك في منتزه عمومي للعشاق ، حتى تغير وجهة نظرك و تقول لا ربما أنا في فضاء لممارسة السياسة ، فالفصائل الطلابية هناك كل حسب انتمائه ؛ قد جعلو الجذراء كأنها نقوش من الأحرف العربية و الأجنبية ، هذا يعلق بيان ، و هذا إعلان ، و الآخر أفكار يتعاطف معها ، و طبقة تحتل ركنا بين المدرجات و تدعي صيانة حقوق الطلبة ، و آخرون يقومون بإضرابات و حلقيات تغلق ممرات الجامعة و منهم من يجهر بانتمائه بمظهره ؛ فمن هيأته ترمق العنصرية سيما من يضع شعرا طويلا مجعدا كأنه قراشيل الفلبين ، إلا أنك ستعلم أنك لم تخطئ بل وطأت قدماك أرض الجامعة و أنت بوسطها و ذلك بمجرد أن تمر بالمدرجات و بعض القاعات إضافة إلى طالب هنا يراجع مطبوعا إستعدادا للإمتحان ، و في ركن آخر تلمح جماعة تراجع هي كذلك إمتحانا مرتقبا ، كما بمرورك حول المكتبة الهزيلة التي يزعمون أنها تحتظن كتبا ثقافية و علمية كثيرة ، و أنا لا أستطيع أن أأكد ذلك لكنني أستطيع أن أأكد أنك لو صعدت درجا داخل المكتبة فحتما ستقابل حالة فوضى هنا مكان يجعلونه للمراجعة لكن لا مؤشرات تدل على ذلك سوى قلة هنا أو هناك يراجعون و أعينهم منصبة على الدرس ، أما البقية فتجعل من الفضاء مكان للمواعيد ، و التعارف ، و تبادل الكلام الفارغ ، و ملأ الكراسي الفارغة بحجة أن هناك من يجلس فيها ، و الغريب أن البعض يجوب فضاء المطالعة فقط بهدف استطلاع من الموجودين بالداخل !؟ لعله يجد زميلا له أو يتعرف على صديقة أو صديق ... لكن إحذر فما إن تخرج من باب الجامعة حتى تجد سيارات الشرطة المكافحة للشغب و هي تُوقف سيراتها الأمنية بشكل متراص و في صف طويل أمام الجامعة ، و ما إن تدير رأسك يمينا أو شمالا حتى تلمح رجل شرطة بزي مدني ، و قد تمر برجل مخابرات ، هنا قد يعاودك الشك و تقول لا ، ربما دخلت مؤسسة عسكرية أو أمنية بالخطأ ، و في الساحة الخارجية للجامعة هناك بعض الباعة المتجولين يفترشون بعض المبيعات : كتبا أو مجوهرات ، و تمة أصحاب الوجبات الخفيفة كذلك ... و الشيء الذي يميز الجامعة أننا كلنا غرباء بالنسبة لبعضنا البعض و الجامعة فضاء للتعارف ، و لإطلاع على ثقافات الغير ، و اكتساب خبرات و معارف جديدة ... كما أننا نفقد ما اعتدنا عليه في الثانوي كون أن المؤسسة لا تبعد سوى عشرات الأمتار فناذرا ما تبعد عن بعضنا الكلومترين ، إلا أن الجامعة تبعد عنا جميعا ، فالمنحذرون من مدن أخرى يدوقون مرارة محلات الكراء و الغلاء ، أما القاطنين داخل نفس المدينة فيذوقون مرارة الحافلة ، فمنا من تكفيه حافلة واحدة كي يصل ؛ و البعض يركب حافلتين كي يصل لدى وجب عليه يأخذ زمن وصوله بالحافة بعين الإعتبار حتى لا يتأخر عن الجامعة ، فقد تستغرق رحلته بالحافلة ساعة واحدة و قد تتجاوز الساعة و النصف حسب البعد...
إن ما وصفته هو جزء مما هو عليه الجامعة و الواقع أعظم ، فقد أكون تجاهلت بعض الأمور لكون التفصيل فيها يحتاج وقتا ، لذلك فزيارة المكان خير شاهد على حقيقة الصورة .

                                                                     
معتز العربي

موقف فلسفي : طبيعة المعرفة الإنسانية

طبيعة المعرفة الإنسانية

لقد كانت إشكالية طبيعة المعرفة الإنسانية محط اهتمام عدد من الفلاسفة ، كان أبرز هؤلاء الفلاسفة نجد جون لوك و ديكارت و آخرون ... إذ طرحوا مجموعة من الأطروحات الفلسفية ساعين من خلالها إلى معرفة طبيعة المعرفة التي يتمتع بها الكائن البشري ، كما اختلف الفلاسفة حول مصدر المعرفة الإنسانية ، ففي الوقت الذي يرى فيه ديكارت أن العقل هو مصدر المعرفة الإنسانية ؛ معللا بذلك إتبات وجوده بالفكر عبر مقولته الشهيرة المعروفة بالكوجيطوا الديكارتي ، نجد جون لوك يرى عكس ذلك فطبيعة المعرفة الإنسانية لديه تكتسب عن طريق ملكة الحس ؛ فلولا التجربة ما اكتسب الإنسان المعرفة ، و هناك من الفلاسفة من جاء موقفه تركيبيا للموقفين ورأى أن المعرفة الإنسانية لا تتم إلا عبر اتحاد ملكة الحس بملكة العقل .
و كمحاولة مني لإبداء رأيي حول طبيعة المعرفة الإنسانية ، أقف إلى جانب الفلاسفة الذين يرون أن طبيعة المعرفة الإنسانية هي نابعة من ملكتي العقل و الحس ، إن العقل البشري يدخل في علاقة وطيدة مع ملكة الحس يستحيل الفصل بينهما ، فلا العقل يكون المعرفة دون الحاجة للحس ؛ و العكس بالعكس ، فمنذ أن وُجد الإنسان و هو يعجز عن تشكيل أدنى معرفة دون تخالج الملكتين معا ، فالعاقل قادر على التفكير في أمور عدة لكنه لا يقدر على الوصول لحقيقة ماهيتها ، و الحس الذي نستمد منه التجربة ؛ فهذه التجربة لا توصل للمعرفة دون إخضاع معتياط التجربة لعمليات عقلية تظهر طريقة التعامل معها و كيف نستغلها كي نصل من خلالها للحقيقة ، فملكة الحس و العقل وحدة لا يمكن تجزئها ، فاتحادها معناه اكتساب المعرفة ، و انفصالها يعني فقدان المعرفة .
و كمثال على كون وجودهما معا هو مصدر المعرفة ، فالنار مثلا لو وجدت نصب أعين إنسان لم يعرفها قط و لم يدري ماهيتها و هل هي خطيرة أم غير ذلك ، فلو تأمل النار و جعل يفكر بعقله بُغية كشف ماهيتها أتُراه يفلح !!؟؟، طبعا لن يصل لأية نتيجة و سيضل الشئ الذي نصب أعينه مجهولا ، و في المقابل لو أقصينا العقل و تحاكمنا للحس وحده في مثال النار ، فبلمس النار تتشكل لدى المرء خطورتها ، لكنه طبعا وصل لتلك المعرفة عن طريق الحس فقط ؛ و بالتالي لو أوقدنا نارا أخرى بقربه ؛ فقد يضع يده لكي يجرب ماهيتها مجددا ؛ لأنه لا يدري أن النار الأولى مثلها مثل الثانية ، و ما استنثجه من الأولى هو كذلك يسري على النار الثانية ؛ و بالثالي فالمعرفة هنا ليست مكتملة ، و لو جمعنا الملكتين معا أي الحس و العقل في المثال نفسه ، فبمجرد أن يلمس النار و يدري خطورتها و تأثيرها الحارق على يديه ، تصبح تلك النار مقياسا لأي نار أخرى مهما اشتد لهبها أو صغُر أو كبُر حجمها ، فملكة القياس التي ينتجها العقل قاعدة تسري على الجميع ، و من هنا تتبين لنا أهمية إتحاد ملكتي العقل و الحس في إنتاج المعرفة الإنسانية .
 فالحس يكسب تجارب ؛ و هذه التجار تبقى غير ذاة قيمة إلا بتدخل ملكة العقل عن طريق التفكير ، و القياس و تحليل معطيات الحس و من تم إصدار معارف لا تتم إلا بوجود الملكتين المساهمتين في إنجازها ، و يمكن أن نسمي هذا النوع من المعرفة الذي ينتج عن إتحادهما ملكتي الحس و العقل  بالمعرفة الكلية الحقيقية و اليقينية ، لأن الإقتصار عن الواحد دون الآخر ينتج كذلك معرفة ؛ لكن طبيعة هذه المعرفة تكون جزئية و هشة ، و غالبا لا يستفاذ منها كما لا تكون ذاة قيمة .

                                                              
معتز العربي

المفاتيح الخمس لاختيار الصديق


المفاتيح الخمس لاختيار الصديق


إن المرء بطبعه كائن إجتماعي ، يبتغي الأنسة و هو للوحدة كاره ، فلا يمكن تصور حيات لا أنيس فيها ، لدى فالإنسان يسعى لكسب أصدقاء يشاركهم و يشاركونه الهموم و المشاكل و الأفراح و المسرات و كل ما يطبع الحياة البشرية من مشاعر ، لكن الناس ليسوا سواسي ، فمنهم الخير و الشرير ، و منهم المؤمن و المنافق ، و كذا ذو الخلق الحسن و ذميم الخلق ، و الخائن و الأمين الصادق ، لدى فنحن لسنا أحرارا أن نتخد كل امرئ صديقا أو خليلا ، لا ، نحن مجبرين أن ننتقي خيار الناس ، حتى تكون حياتنا سوية ، و حتى لا تضيع أسرارنا بين أياد خائنة غير أمينة ، و حتى ...
لدى اخترت أن أعرض بعض الصفات التي تسهل على المرء اختيار الصديق الفاضل ، و هي جزء و ليست كل ، لأن تجارب الحياة هي التي تعلمنا و توصلنا لمعارف نديرها بها ، و أنا هذا بعض مما علمتني الحياة في حسن اختيار الصديق ،... :

1 *أن يكون مؤمنا :
فالصديق المؤمن لا ينافقك و يمدحك بما هو حاصل فيك و ينصحك فيما هو قبيح فيك ، أما المنافق فيستر على ما
 هو حاصل فيك و يُشيع ما هو قبيح فيك ...
2 *أن لا يكون حقودا على من حوله :
فإن كان كذلك فمن الأحسن الإبتعاد عنه ، لأان معاشرته خسارة و تضييع للوقت...
3 *تجنب معاشرة اللئيم :
فإنه مهما كبُر في عينك ...فسيأتي يوم يتمرد عليك و ينسى كرمك الذي أنقدته به يوما من الذل...
4 *عامله بما فيه و أطلعه بقدر ما يطلعك عليه من أسرار :
و لو كان من الأحسن أن تحتفظ بأسرارك لنفسك ، و كن دائما منه على حذر ؛ لا تتق فيه الثقة المطلقة ، فبثقتك الزائدة قد تواجه بغدره لك يوما ما ، و لو أطلعته على أسرارك و خصوصياتك فقد يأتي يوما يقع بينكما سوء تفاهم ؛ و يفشي أسرارك انتقاما...
5 *الصديق عند الضيق :
و هناك تختبره ، فمن لا يقف إلى جانبك و يضحي من أجلك لحضة احتياجك له ؛ فما الجدوى من معاشرته ، فالصديق هو من يقدم الغالي و النفيس لمساعدتك و إسعادك...

إن ما ذكرته سلفا عن حسن اختيار الصديق يعد جزءا و ليس كل ما ينبغي التسلح به قبل خوض غمار صداقة مع البعض ، لدى فهي أنيس و ليست قاعدة شاملة ، و أشير إلى أن كل صداقة و لو ندمنا عليها إلا أنها ليست خسارة لأنها أكسبتنا أحد تجارب الحياة التي بواسطتها نقدر على تمييز بني البشر صالحه من طالحه ، فأرجوا أن يوفقنا المولى جلا جلاله إلى حسن اختيار الصديق و الأنيس الذي نأنس بوجوده بعد الله سبحانه .

                                                               
معتز العربي