الأحد، 23 مارس 2014

الأفلام عن الأنبياء : ترى تدنس أم تقدس المقدس ؟!



الأفلام عن الأنبياء : ترى تدنس أم تقدس المقدس ؟!

نحن في عصر برز فيه التمثيل ، و صار جنوده يبحثون عن السيناريوا الذي يستهوي المشاهد و يجعل من عملهم ناجحا ، فصار البعض يجعل قصص الأنبياء السيناريوا الذي يجسده الممثلين ، لأن الموحدون يقدسون دينهم و يحبون أنبياءهم ، و يتعاطفون مع قصصهم ، لذلك وضف البعض قصص الأنبياء حتى يكون عمله محط الأنظار ، لكن ؛ هل من المعقول أن يتقمص الممثلون شخصية الأنبياء ؟! أوليست تلك الأفلام تدنس بدل أن تقدس المقدس ؟!!
إن الأفلام التي تحاول الإنطلاق من قصص الأنبياء كسيناريوا محكوم عليها بالفشل .. لأنها حتما لن ترقى إلى مستوى تجسيد الحقيقة كما وقعت ، فخيال المرء و لو تكهن بها فما يكاد ؛ فما بالك بأفلام تحاول تجسيدها ، إن خيال المرء مهما بلغ تصوره لقصص وسير بعض الأنبياء فلا يمكن ذلك ؛ خاصة من ملئت حياتهم بالمعجزات التي عجز خيال الإنسان و حتى قلبه عن تصورها و أي تصور يراه المؤمن بالله جلا جلاله يدري أن الحقيقة أعظم من تصوره ، فإذا كان قلب الإنسان و خياله هو أقوى و أوسع و أشد تصويرا و تمثيلا مما قد يجسده البعض في الأفلام ، و بالتالي فهذا النوع من الأفلام يدعوا للسخرية و الحط من قيمتها الفنية ؛ فلو أنها عالجت قضايا أخرى سيكون أفضل ، فكيف لقصة كليم الله و نبيه موسى عليه السلام ؛ التي جعل فيها الله سبحاه معجزات حتى خيالنا حري به أن يستحيي أمام عظمة واقعها ، فأي فلم ياترى يستطيع أن يصور لنا ذلك المشهد العظيم الذي انفلق فيه البحر بعظمته إلى فرقين و لشدة عظمة المشهد وصفه المولى جلا جلاله بأن أصبح كل فرق كالتوض العظيم !!، و أي ممثل ياترى تسمح له نفسه أن يتقمص شخصية نبي الله موسى عليه السلام بقوته و شهامته وحكمته و أخلاقه الفاضلة ؛ و صفاته الكريمة و حتى قوته الجسدية منها ، ذلك النبي الذي لم يغتر بقوته و استثمرها في خدمة دين الله و رسالته العظيمة المقدسة ، ذلك النبي الذي بقوته الجسمانية ما توارى عن الوقوف إلى جانب المظلوم و المحتاج للعون ، و من منا لا يعرف قصة ابنتا نبي الله العزير عليه السلام ؛ لما رآهما سيدنا موسى في عزلة عن النفر الذين يجتمعون حول البئر حتى يروون ظمأ بهائمهم ؛ ذلك البئر الذي بلغني أن لا طاقة لرجل فرد أن يرفع الحجر الذي ترفعه عصبة من الرجال الأقوياء عن البئر حتى تسقي لبهائهما ثم يجتمعون على إعادته إلى مكانه ، إلا أن نبي الله موسى إستطاع لوحده و بعون العزيز القدير أن يرفع الحجر حتى سقي لابنتي نبي الله "العزير" عليه السلام ثم يعيده إلى مكانه ، و أي ممثل تراه يتقمص هاته الشخصية ، و بحديثنا عن نبي آخر و هو نبي لله يوسف الصديق عليه لسلام الذي استطاع أن يقف في وجه فراعنة مصر ؛ و أن يقلب موازين القوى فيها و أعز تلك الأرض بالإسلام ، ذلك النبي الجميل الخلق و الهيئة ؛ و الذي بدت نساء طيبة أمام عظمة جماله صاغرين ، و من ذلك الممثل الوقح الذي قد يتجرأ على تمثيل شخصيته ، و قس على ذلك كل الأنبياء عليهم السلام .
و أرى و كأن البعض يحاول الطعن في كلامي معللا موقفه بأن الأفلام التي تحكي قصص الأنبياء ؛ إنما هي إيجابية كونها توضح القصة و تشرحا و تحببها للمتلقي حتى يزداد تعظيمه لدين الله ؛ و يزداد حبه و تقديره لذاك النبي ، كما أن الأفلام لا تضيف ما لم يكن في الواقع و لا تحذف ما كان فعلا .. و سأجيب هؤلاء النفر بقولي أن أنبياء الله تعالى وجب الإيمان بهم و برسالتهم و تعظيمهم و سيرهم و للمعجزات التي جأوا بها ، فأي فلم يستصغر عظمة النبي و قصته مع قومه و حتى المعجزات التي أنزلت عليه ؛ إذا ما تمت محاولة تجسيدها فحتما يستحيل ذلك تماما ، لأنها أعظم من أن تجسد و توصف ، و بالتالي ذالك العقل البشري و الخيال الذي حتى بسعته و قدرته القوية لم يستطع تخيل عظمة تلك لمشاهد التي حكى عنها القرآن ، و هذه الأفلام كأنما تحاول وضع حد لخيال الإنسان و تعظيمه للأنبياء و قصصهم و معجزاتهم ، فمُشاهد تلك الأفلام إذا ما سمع قصة نبي الله يوسف مثلا في القرآن و مصادر أخرى ؛ إنما يقتصر عقله على استحضار وجه ممثل لا يمد في صفاته بأي شيء من صفات نبي الله سبحانه ؛ و أي شخص يستطيع أن يجسد لنا حقيقة جماله الذي وهبه الله إياه؟!!!!!! . فالأفلام بذلك جعلت خيال المرء رهين بها ، تلك الحقيقة التي لاطالما بحث عنا خيال الإنسان و عقله و لم يعرفوا لها حدود ، و مع كل تذكر يزداد تعظيمهم و تقديسهم لذاك النبي و قصته و المعجزة المُنزلة عليه ، لكن الأفلام أرادت تصوير حقيقة و صورت أوهام لتنقلها لنا و كأنها الحقيقة التي تطابق الواقع .
و أرد كذلك على الإدعاء الثاني المتعلق بكون الفلم لا يتضمن زيادة و لا نقصان و إنما ينقل لنا القصة كما هي ، و أنا أرد على هؤلاء كذلك بقولي ، فكيف للفلم أن يجسد قصة نبي وضعها سبحانه في بضع آيات ؛ و أن يضعوا هم لها هم في مسلسلاتهم عدة حلقات و أفلام طويلة و لا يمكنها أن تخلوا بذلك من حشو ؟!!!!، و افتراض كلام قد لا ينطبق مع الواقع ؛ و حركات قد لا تجد مكانها في الحقيقة ؛ و ملابس أو حوارات أو إنفعالات و سلوكيات عدة ؛ غايتها هو الحشو بغرض وضع سيرورة للأحداث حتى تجد نهايتها ، إن العلماء لم يغفلوا الأمر و تحدثوا عنه ؛ إذ أبطلوا هذا النوع من الأفلام و ذموه . فأي موقف وضعوا فيه نبي الله و لم يجري حقيقة فهو كذب عليه ، و  أي لباس زعموا أنه قد ارتداه في لحظة ما ؛ و أي حركة أو رمشة عين لم تطابق الواقع ؛ و حتى أي تغير لحال الطقس لم يجري في زمن وقوع ذاك الحدث لنبي الله هذا ؛ و أي طير مرت من السماء ؛ و حتى أي تمويجة خلفتها الرياح على ثياب النبي و لم تحدث فعلا ؛ فكلها أكاذيب ، و قس على ذلك أمورا كثيرة قد تبدوا ثانوية جدا ؛ فحتى أي شهيق وزفير لم يأتي كما في الواقع فذلك كذب ، و رسول الله محمد صلى الله عليه و سلم يقول : "من كذب عليا متعمدا فليتبوأ منصبه من النار " هكذا تقريبا صياغة الحديث .
و أرى أن خير وسيلة لنقل هذه القصص للمرء هي السرد ، و هذا دور الفقهاء الذين يملكون الأمانة العلمية و الخوف من الله تعالى في نقل الحقيقة ، فالسرد يصور مشاهدا لكن ليس كما تصورها عدسات المصورين ، و إنما تصورها في خيال المستمع الذي بدوره يرخي قيود خياله ليبحر في عالم من التخيل الذي لا حد له ، إذ لا يمكن أن يجد حدا لدرجة عظمة ما يسمعه عن هذا النبي أو ذاك ، و يبقى ما توصل له خيال هذا الشخص ربما هو أعظم مما توصل له خيال الآخر ، و قد يكون غيرهم قد بلغ من السمو بالتعظيم أكثر منهم ؛ و قس على ذلك ، فالأمر شبيه بأفلام خيالية نعظم فيها معجزات الله و أنبيائه و قصصهم ؛ و لا نمل من نسج خيال أعظم كلما أمرت قوة الإيمان بذلك ، فالسارد الماهر و الكُفء و المتمتع بخبرة تؤهله إلى شق خيال وقلب المتلقي ؛ بحسن كلامه الممجد لأحد أنبياء الله هذا هو السارد الذي يبث قيم التقديس في نفوس المسلمين و الناس أجمعين و لنأخذ مثالا على ذلك : نجد الشيخ "نبيل العوضي" الذي تستسيغ الآذان أحاديثه عن الأنبياء نظرا لبراعته في السرد ؛ و هناك شيوخ آخرون لمن أراد سماع تسجيلاتهم الصوتية على الشبكة العنكبوتية، و حتى الدارس عليه أن يستزيد من قراءة الكتب التي تجمع بين دفتيها سير الأنبياء بهدف ترسيخ الإيمان لدرجة اليقين و السموا بأنبياء الله و معجزاته عما تصوره عدسات المبطلون . هكذا أرى ؛ و الله أعلم .

                                                                     
معتز العربي

الساحرة المستديرة




الساحرة المستديرة

هي الساحرة المستديرة ، تفرحنا و تبكينا ، ما بين الفوز و الخسارة تداعبنا ، هي 450 غرام من الأتموسفيريك تفعل بنا ما تشاء ، و تجعل الآمال منصبة على المستطيل الأخضر المتدحرجة فيه ، و الأعين تلاحقها بينما تنتقل في زواياه و الأرجل تداعبها ، و دقات القلب تعد دقائق المباراة التسعين ، دقائق يمر ما تبقى منها على الفريق الفائز و عشاقه و كأنها سنة بأيامها و لياليها ، بينما الخاسر و أنصاره يرون أنها تكاد تسابق البرق ، الساحرة لمستديرة تلعب بمشاعرنا كيف ما تشاء ، و يبدأ استفزازها لنا بدوي صفارة الحكم معلنة بدأ دخولها المستطيل الأخضر كي تنضر في مصير طرفيها ، و تأخذ قرارها بدوي صفارة الحكم مجددا و أخيرا معلنة نهاية المباراة ، هنا تجازي من داعبها طيلة المباراة ، و تنحاز لهذا و تترك ذاك يجر أذيال الهزيمة ، 450 غرام من الهواء تدخل أرض الملعب و كأنما وطأت خشبة المسرح ، و الجماهير جاءت لتشاهد ما سيؤول إليه نهاية عرضها المسرحي ، و ليس من يعتلي مدرجات الملعب من يعيش سحرها و تصيبه هيستيريا الكرة و هو يتابعها ، و لكن شاشات التلفاز تشهد على الملايين قابعين في البيوت و المقاهي ؛ و أعينهم منصبة على أحداث المبارات ؛ مع مشاعر يتخالج فيها الشوق و العصبية و الترقب ، لنأخذ كأس العالم مثلا ؛ فعشرات الآلاف القابعة وسط الملعب  تقابلها أعداد لا حصر لها خارج الأصوار ، فطيلة دقائق المباراة التسعين تجد الشوارع و كأن الأشباح مرت منها ؛ فناذرا ما نجد حركة هنا أو هناك ، و ما أن تنتهي الدقيقة التسعين حتى تعود الحركة للشوارع و يعود كل ذي نشاط لنشاطه ، فإذا ما كان النصر حليفهم فقد غنموا فرحة يعجز اللسان عن ترجمتها ، و تجد النصر حديث العامة وسط الشوارع ؛ و داخل الأزقة و البيوت لعدة أيام ، أما الخسارة فتجعل أنصار الخاسر يبدون مشاعر السخط و الغضب و العتاب على من داعب الكرة داخل المستطيل الأخضر . فعجبا لسحرك يا مستديرة !! .

                                                 
معتز العربي

السبت، 15 مارس 2014

أسماء الله الحسنى





الله  -الرحمن – الرحيم – الملك – القدوس - السلام – المؤمن – المهيمن – العزيز – الجبار – المتكبر – الخالق – البارئ – المصور – الغفار – القهار – الوهاب – الرزاق – الفتاح – العليم – القابض – الباسط – الخافض – الرافع – المعز – المذل – السميع – البصير – الحكم – العدل – اللطيف – الخبير – الحليم – العظيم – الغفور – الشكور – العلي – الكبير – الحفيظ – المقيت – الحسيب – الجليل – الكريم – الرقيب – المجيب – الواسع – الحكيم – الودود – المجيد – الباعث – الشهيد – الحق – الوكيل – القوي – المتين – الولي – الحميد – المحصي – المبدي – المعيد – المحيي – المميت – الحي – القيوم –الواجد – الماجد – الواحد – الصمد – القادر – المقتدر – المقدم – المؤخر – الأول – الآخر – الظاهر – الباطن – الوالي – المتعال – البر – التواب – المنتقم – العفو – الرؤوف - مالك الملك -ذو الجلال والإكرام – المقسط – الجامع - الغني- المغني – المانع – الضار – النافع – النور – الهادي – البديع – الباقي – الوارث – الرشيد – الصبور .

خواطر مهداة إلي





أجمل ما أهداني أوفياء الحب ، كلمات أرسلها إلي ذوو النفوس الطيبة و المشاعر الرقيقة الصادقة ، و أنا بدوري وددت لو تعلم ذات الأنامل التي كتبت هاته المعاني الراقية أنني قد نشرت كلماتها على مدونتي المتواضعة ، حتى تتبينوا أنني لازلت أحن لتلك الذكرى الجميلة و الرومنسية التي تركت أثرا بالغا في حياتي ، و أنا أعلم أنك ممن شرف مدونتي بزيارته الحلوة ، فلو كتب القدر أن تصادفوا كلماتكم على مدونتي هاته ، فلكم مني تحية الشعراء .


إليك

إليك أروع ما في الكون من نجوم
إليك أحلى ما في اللسان من كلام
إليك أنت أعذب و أرق سلام
يا أجمل من نسائم الزهر
يا أبا الفن و الجمال الحائر
أنت أجمل ما في الأحلام
فالخيال انحنى لك مستسلم
إليك يا معبر الماضي المشؤوم
يا زائر الحاضر بنسائم
يا أروع من وصف كلام قد 1(يوصف)
أخذني شوق فؤاد متحسر
لكي أكتب جملة كلمات تناسب المقام
يا من تاه في بحر الكلمات
إليك يا معتز الذي افتخرت به الأقلام
يا من أراد أن يستقر في فؤاد قد أيتم
أنت اليوم مسجون في قفص الكلمات
لا مفر من المعاني و لا من النغمات
هذه كلمات كتبتها و لا أدري هل تناسب شمس

=========================
كلمة لم تتضح لي كتابتها على الورقة فقمت بتأويلها .  _1_

كلمات شاعر : هل أبدعها أم قلد مبدعها ؟!!







كلمات شاعر : هل أبدعها أم قلد مبدعها ؟!!

بتصفحي لأحد نسخ مجلة العربي الصغير لسنة 2006م ؛ العدد 568 ؛ بعنوان : تحت سماء كوجرات ، صادفت في إحدى صفحاته بعض الأبيات الشعرية لعمرو ابن كلثوم في معلقته التي يمكن أن نرى فيها نموذجا شعريا فاقعا للعصبية الجاهلية ، إذ يقول فيها :

ألا لا يجهلن أحد علينا      فنجهل فوق جهل الجاهلينا
ظالمين أبدا وما ظلمنا       و لكننا سنبدأ ظالمينا
ملأنا البر حتى ضاق عنا       و ماء البحر نملؤه سفينا
إذا بلغ الفطام لنا صبيّ       تخر له الجبابر ساجدينا

و ما جعلني أستحضر هذه الأبيات ؛ هو لما قرأتها تذكرت كلمات الشاعر الفلسطيني ثميم البرغوثي ؛ كون مقطع القصيدة هذا يحمل بين ثناياه تشابها من حيث الإيقاع الخارجي و كذلك بعض الألفاظ مع قصيدة ثميم البرغوثي المعنونة ب"معين الدمع " ، و أنا أقرأ أبيات إبن كلثوم هاته أتسأل ما إذا كان الشاعر ثميم البرغوثي قد قرأ معلقته هاته ؛ و تأثر بها ؛ لذلك نسج على منوالها و أخذ حتى بعض ألفاضها حتى يوضفها في قصيدته " معين الدمع " ؟! أم أن ثميم البرغوثي أبدع و لم يقلد و كل ما في الأمر هو أن بالصدفة كتب قصيدته و هي تحاكي هذا المقطع من معلقة عمر ابن كلثوم ؛ من حيث التشابه في الإيقاع الداخلي ؛ و كذلك من حيث توضيف ألفاظ بالصدفة سبقه عمر ابن كلثوم في توضيفها في معلقته ؟!!
فهذا المقطع من معلقة الشاعر الجاهلي عمر ابن كلثوم مقارنة بقصيدة ثميم البرغوثي " معين الدمع " يتميزان بوحدة القافية و الروي و هما نفسهما المستعملان من الشاعران معا ، و كذلك الكلمات المضغوطة بالأحمر ؛ قد صودف توضيفها من ثميم البرغوثي في قصيدته التي ذكرناها سلفا ؛ حين يقول في أحد أبيات قصيدته " معين الدمع " :

ملأنا البر من قتلا كرام       على غير الإهانة صابرينا

في هذا البيت يتضح جليا تشابه إيقاعه الخارجي مع مقطع معلقة عمر ابن كلثوم التي ذكرناها ؛ نفس الروي و القافية و الوزن الذي هو البحر الطويل . كما وضف الشاعر " البرغوثي " في قصيدته هاته ألفاضا و هي نفسها التي استعملها الشاعر الجاهلي ابن كلثوم في بداية البيت الثالث من هذا المقطع من معلقته ، بل أكثر من ذلك وضف الشاعران معا هذه الألفاض في بداية البيت ، و هناك مثال آخر لبيت من نفس قصيدة ثميم البرغوثي :

فإن الحق مشتاق إلى أن       يرى بعض الجبابر ساجدينا

الذي سنقول عنه ما قلناه عن سلفه ، إضافة إلى كون الشاعرين معا وضفا لفضين تشابها معا فيه ، سواء من حيث الكلمات ، و كذلك موضع توضيف الكلمات من البيت الشعري ، و هما " الجبابر ساجدين " فعمر ابن كلثوم جعلها في آخر البيت الرابع من مقطع معلقته هذا و كذلك فعل ثميم البرغوثي و هو يوضف اللفضين معا في آخر هذا لبيت .
 و لشدة تشابه البيتين من حيث الأسلوب ، و تشابه بعض الألفاض حتى في مكان توضيفهما من البيت الشعري ؛ نستطيع أن نقول أن شاعرنا المعاصر ثميم البرغوثي ؛ تأثر بمعلقة الشاعر الجاهلي عمر ابن كلثوم و نسج على منوالها .
إلا أن هذا لا يعني استصغار الشاعر الفلسطيني ثميم البرغوثي أو الحط من قدر و قيمة قصائده ، فهو بحق من خيرة شعراء العصر ، و ممن تميزوا بأسلوبهم في كتابة الشعر ، كما أنه يبدع قصائدا غاية في الروعة و الجمال ، و لا يختلف اثنان عن كون قصائده تستهوي عشاق الشعر في عصرنا ، فتراهم يبحثون عن أشعاره كي يتدارسوها ، و عن تسجيلاته كي يطربوا بها مسامعهم فلا قراءاته للشعر ككل القراءات ، نعم ؛ هكذا تكون قصائده هي الكلمات التي لا تمل الآذان من سماعها ؛ فتكررها على مسامعها حتى تحفظها و تصير لها مرددة كلما اشتاقت النفس لسماع تلك الكلمات الراقية الجميلة .

                                        
معتز العربي